علي الوكيلي حين يخسر المرشح في الانتخابات الجماعية أو البرلمانية ملايين الدراهم فاعلم أنه لا يصنع ذلك حبا في سواد عيونك ولا حرقة على أوضاع البلد ولا تطوعا لتحمل مسؤولية خدمة الوطن، وإنما هو نصاب كبير يخطط على المدى البعيد ليسرق البلاد والعباد. هؤلاء الأشرار يضعون أجسادهم في كراسي البرلمان والجماعات الحضرية والجماعية ليفتحوا طريقا
علي الوكيلي
حين يخسر المرشح في الانتخابات الجماعية أو البرلمانية ملايين الدراهم فاعلم أنه لا يصنع ذلك حبا في سواد عيونك ولا حرقة على أوضاع البلد ولا تطوعا لتحمل مسؤولية خدمة الوطن، وإنما هو نصاب كبير يخطط على المدى البعيد ليسرق البلاد والعباد. هؤلاء الأشرار يضعون أجسادهم في كراسي البرلمان والجماعات الحضرية والجماعية ليفتحوا طريقا واسعا نحو الثروة، بأكثر الحيل التواء وخبثا ودناءة، وليضرب الطوفان ما وراءهم.
هؤلاء يحميهم البرلمان والمنصب الوزاري والمال الواسع المتحصل من كل أنواع التهريب وأنواع الحرام والممنوع والمهلك لصحة الناس وجيوبهم؛ تساعدهم “سياسة القرب” من المسؤولين الحكوميين في قضاء مصالحهم والتغطية على شرورهم واقتناص الفرص قبل إخراج القرارات من المجالس الحكومية والشركات العمومية وشبه العمومية والمجالس الجماعية وغيرها، وحين يتضخم رأس مالهم الفاسد يشترون كل ما يدب على الأرض، حتى خارج الحدود.
قبل الانتخابات لا تهتم الأحزاب باستقامة المرشحين ولا بصحيفة أعمالهم ولا بنقاء تاريخهم ولا بسوابقهم السوداء، التي لا تخفى على أحد، وإنما الذي يؤرقها هو مدى قدرة المرشح على كسب كرسي في البرلمان أو الجماعة، حتى ولو كان أخا للشيطان. وقد تخصصت بعض هذه الأحزاب في منح التزكية للشياطين أنفسهم. وحين تنجح هذه الهيئات الفاسدة في كسب الأغلبية تبدأ في مكافأة الناجحين بما تشتهي الأنفس، والنتيجة استيلاء واسع على الثروة الوطنية وفساد كبير محمي بقوة الدولة.
في الماضي كان هناك اتهام وحيد وأوحد للداخلية بكونها أول مزور للانتخابات، وأنها هي التي تصنع الأغلبية، لكن منذ زمن ليس بالقريب رفعت يدها عن توجيه النتائج وأقرت حرية الاختيار بالنسبة للناخب؛ فعوضها الفاسدون في تزوير الانتخابات بقوة المال وجشع الناخبين، وأصبح المرشح صاحب “الشكارة” هو الذي ينجح وليس النقي التقي المحب للمصلحة العليا، وما أقل هؤلاء؛ لأن منهم من يبدأ نقيا ثم ينتهي غارقا في “غيس” الفساد، وكأنه من عيّنة “عنداك من المشتاق إذا فاق!”.
حين أنظر إلى هذا الكم الكبير من الفساد والفاسدين أتعجب لبلادنا كيف تسير إلى الأمام بثبات كبير، وبإصرار عجيب وبسرعة قصوى، لأن السكتة القلبية هي المقابل المنطقي لتوسع الفساد، لكني أطمئن إلى أن هناك مغاربة آخرين في مراكز المسؤولية أتقياء وطنيين غيورين على الوطن، يشتغلون في صمت، ويجنبون المغرب انهيار السقف الذي يظِلّنا جميعا.
نعيش هذه الأيام صحوة هائلة لدولة القانون، وتطبيقا سليما لآليات المراقبة والمحاسبة. وقد كانت تقارير المجلس الأعلى في السابق مجرد أوراق للاستئناس، فيما أصبح الفاسدون من جميع الفئات تحت طائلة القانون كيف ما كانت قوتهم وحمايتهم يضعون يدهم على قلوبهم وهم ينظرون إلى الدور يدور حولهم، ومنهم من بدأت أصابع الشك تتجه إليه، وقد فات أوان التوبة والغفران.
لكن هناك شبكة من أعوان الفاسدين الذين سهلوا عليهم المشاق وبسطوا لهم الطريق، ممن تجب محاسبتهم، لأنهم غير متورطين بشكل مباشر، لكن المنطق يورطهم في ما اتهم به أباطرة الفساد خلف القضبان. وكذلك أولئك الذين يعرفون الفساد والفاسدين ويسكتون عنه، وهم إخوة للشياطين الخُرْس، ممن يجب دفعهم إلى الاعتراف والشهادة بما رأوا، غانمين من الفساد أو مجرد شهود عليه.
الحرب على الفساد ليست بالأمر الهين، خاصة إذا كان سرطانا متقدما، يقتضي بتر الأعضاء للحفاظ على باقي الجسد سالما، فهل نحن مستعدون لألم قص أطراف الجسد المغربي؟.
اترك تعليقاً
لن يتم نشر البريد الإلكتروني الخاص بك. الحقول المطلوبة مؤشرة بعلامة *